قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) [ المائدة : 105 ] :
أي عليكم إصلاح أنفسكم فقط حين لا يمكنكم إصلاح أنفسكم وغيركم معًا ؛ وهذا لأنّ التّكليف منوط بالقدرة ولا تكليف مع العجز ، وإصلاح النّفس هو المقدور عليه دائمًا دون إصلاح الغير .
فقوله : ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ) كقوله : ( لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ) ، ومن ثَمّ جاء في الحديث : " ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة " .
وعليه فإذا توافرت القدرة عاد الأمر بالإصلاح إلى تعلّقه بالنّفس والغير معًا ؛ فيُسعى حينئذ في عموم الإصلاح بالتوازي كما هو الأصل ؛ قال تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارًا ) ، وقال : ( إنّ الله لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ) ، وهذا كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ".
ولهذا فمحلّ الخطاب هنا = عند التّزاحم فقط لمّا يكون لا بدّ من تقديم النّفس أو الغير ، فتُقَدّم النّفس لأنّ الخطاب موجّه أصالة لها هي ، وتكون الهداية اللاّزمة أولى من المتعدّية ، لأنّه لا يمكن تحصيل الثّانية دون الأولى، ويمكن تحصيل الأولى دون الثّانية ومن ثمّ فلا إيثار للغير بها في ذلك المحلّ ، ويبطل فيه تخطّي الأقرب للأبعد ، ويُقتصر على دعوة القريب؛ ويدخل في لفظ ( أنفسكم ) = الأقرب ؛ سواء كانت قرابته من حيث النّسب كما قال تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ؛ وهذا تقديم بحقّ الجبلّة والصّلة ، أو كانت القرابة من حيث الهداية نفسها ؛ فيُقدّم الأرجى لقبولها فالأرجى كما قال تعالى : ( وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ؛ وهذا تقديم بحقّ الدّين والملّة .
ثمّ إنّ ترك البعيد للقريب هنا لا يقتضي ترك أصل دعوة الجميع ليتحقّق الإعذار كما في قوله تعالى : ( وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) ، ويحصل أصل الإنذار كما في قوله : ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
ولذا يختصّ القريب من الهداية بتمام الإنذار كما قال تعالى : ( إنما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ) ، ويكون المقصود بترك دعوة البعيد هو = ترك الحرص عليه حرصًا زائدًا على ذلك كما في قوله تعالى : ( إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَىٰهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى مَن يُضِلُّ ) ، ولهذا قال : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) ، وقال : ( أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) ، ونحو ذلك ...
أي عليكم إصلاح أنفسكم فقط حين لا يمكنكم إصلاح أنفسكم وغيركم معًا ؛ وهذا لأنّ التّكليف منوط بالقدرة ولا تكليف مع العجز ، وإصلاح النّفس هو المقدور عليه دائمًا دون إصلاح الغير .
فقوله : ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ) كقوله : ( لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ) ، ومن ثَمّ جاء في الحديث : " ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة " .
وعليه فإذا توافرت القدرة عاد الأمر بالإصلاح إلى تعلّقه بالنّفس والغير معًا ؛ فيُسعى حينئذ في عموم الإصلاح بالتوازي كما هو الأصل ؛ قال تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارًا ) ، وقال : ( إنّ الله لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ) ، وهذا كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ".
ولهذا فمحلّ الخطاب هنا = عند التّزاحم فقط لمّا يكون لا بدّ من تقديم النّفس أو الغير ، فتُقَدّم النّفس لأنّ الخطاب موجّه أصالة لها هي ، وتكون الهداية اللاّزمة أولى من المتعدّية ، لأنّه لا يمكن تحصيل الثّانية دون الأولى، ويمكن تحصيل الأولى دون الثّانية ومن ثمّ فلا إيثار للغير بها في ذلك المحلّ ، ويبطل فيه تخطّي الأقرب للأبعد ، ويُقتصر على دعوة القريب؛ ويدخل في لفظ ( أنفسكم ) = الأقرب ؛ سواء كانت قرابته من حيث النّسب كما قال تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ؛ وهذا تقديم بحقّ الجبلّة والصّلة ، أو كانت القرابة من حيث الهداية نفسها ؛ فيُقدّم الأرجى لقبولها فالأرجى كما قال تعالى : ( وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ؛ وهذا تقديم بحقّ الدّين والملّة .
ثمّ إنّ ترك البعيد للقريب هنا لا يقتضي ترك أصل دعوة الجميع ليتحقّق الإعذار كما في قوله تعالى : ( وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) ، ويحصل أصل الإنذار كما في قوله : ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
ولذا يختصّ القريب من الهداية بتمام الإنذار كما قال تعالى : ( إنما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ) ، ويكون المقصود بترك دعوة البعيد هو = ترك الحرص عليه حرصًا زائدًا على ذلك كما في قوله تعالى : ( إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَىٰهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى مَن يُضِلُّ ) ، ولهذا قال : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) ، وقال : ( أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) ، ونحو ذلك ...
التّفسير الماتع الجامع لصنوف العلم النّافع .
0 تعليقات