قصة الغجرية العذراء _ الجزء الاول
قصة أكثر من رائعة
في زمن ما .. كان لدى أحد التجار الكبار فتاة في الخامسة من العمر تدعى هبة .. ولما كانت والدتها متوفية فقد اضطر التاجر ان يتزوج من ارملة تدعى نهال لتعوض بوجودها عن ام هبة الراحلة .. وكان لدى نهال ولد في التاسعة يدعى ابراهيم ..
وفي أحد الايام .. أراد التاجر ان يسافر في رحلة عمل تستغرق شهرين .. وقبيل سفره عهد بهبة الى نهال ثم اختلى بابنته واخبرها ان تطلب منه ما تشاء ليحضره معه فأجابت انها تريد دمية ذات خصلات شعر ذهبية بعينين خضراوين فوعدها الاب بأحضارها ثم قبلها بين عينيها وسافر ..
لكن نهال لم تفي بعهدها لزوجها فعاملت هبة أسوء معاملة يمكن ان تتصور .. فبالاضافة الى ضربها المستمر بسبب وبدون سبب .. كانت نهال تسحق عليها عندما تكون نائمة وتجرحها بالسكين عمدا وتحرق جسدها بحديدة حامية جدا بل وصل بها الامر الى حرق شعرها وقلع ثلاثة من اسنانها بالكماشة .. وعندما كانت هبة تصرخ من البكاء من جراء ذلك كانت نهال تنهال عليها باللطم والضرب المبرح حتى تفقد هبة وعيها تدريجيا ..
وكانت تحبسها خارج منزلهم الذي يقع وسط ضيعة كبيرة فتنام هبة خارجا على عتبة الباب متقرفصة من البرد ..
وكانت نهال ترمي بقايا الطعام في النفايات فتستخرجه هبة وتأكله لتسد به جوعها ..
حتى قررت نهال التخلص من هبة نهائيا فأمسكتها من يدها وسحلتها خلفها الى نهر سريع الجريان وألقتها فيه بدون تردد فانجرفت هبة مع التيار .. وكان النهر يشرف على شلال عالي تتحطم مياهه على الصخور تحته فكانت هبة عرضة للموت المؤكد لولا انها نجحت بالتمسك قبل ان تبلغ الشلال بغصن متدلي سحبت نفسها من خلاله الى بر الامان ثم عادت منهكة الى البيت حيث ألقت نفسها على عتبته ونامت ..
في صباح اليوم التالي فتحت نهال باب البيت فانصعقت لدى رؤيتها هبة نائمة وهي على قيد الحياة ترتجف من البرد والبلل فشعرت نهال بالغضب الشديد وأخذت ترفس بهبة وتركلها حتى فرت هبة من امامها ..
وعند حلول المساء لمحت نهال قافلة للغجر تسير مبتعدة فاسرعت نحو احدى الغجريات وأخبرتها انها تريد ان تبيعهم طفلة في الخامسة .. فلما شاهدت الغجرية هبة ومدى سوء حالها قالت :
انها محمومة وعلى وشك الموت .. لن اشتريها ..
قالت نهال فورا :
اذن خذوها مجانا .. قطعوها وكلوها لا يهمني .. فقط ابعديها من هنا .. بل سأدفع لكي ايضا ..
خلعت نهال قلادتها الذهبية وأعطتها للغجرية ثم انطلقت القافلة نحو الشمال حاملة معهم هبة ..
نظرت الغجرية الى جسد هبة الذي كان يرتجف مثل السعفة في مهب الريح فشاهدت آثار التعذيب من حروق وجروح وكدمات زرقاء فقالت :
مسكينة انتي يا صغيرة .. لقد عذبتك تلك البربرية المتوحشة .. سأعتني بك لتصبحي غجرية بحق .
وطوال الثلاث أيام اللاحقة عانت هبة من آثار الحمى حتى برئت تماما .. فعاشت في كنف تلك الغجرية التي كانت حكيمة قومها وخبيرة في أمور الاعشاب وعادات أخرى ..
كان الغجر يستوطنون المناطق لمدة عامين أو أكثر ثم يرتحلون الى مناطق جديدة .. وبعد تسع سنوات اصبحت هبة فتاة جميلة في الرابعة عشر .. فجاء زعيم الغجر الى خيمة الغجرية الحكيمة ونظر الى هبة وتطلع الى جمالها وقال :
لقد اصبحت الفتاة جاهزة لدخول الخيمة الحمراء .. الامر الجيد انها لم تكلفنا فلسا واحدا ..
ثم غادر .. نظرت هبة الى الغجرية وقالت :
ماذا يعني بالخيمة الحمراء .. اني آراها في اقصى المخيم ولكن لا يسمح لي بدخولها ليلا ..
- الغجريات اللواتي يتم شراؤهن عندما يبلغن مثل عمرك يؤخذن الى الخيمة الحمراء ليصبحن مومسات ... يأتينا الرجال من المدن التي نمر بها ليحظوا بالمتعة معهن مقابل أجر محدد .
- لكني لا أريد ذلك .. أريد أن أبقى هنا ..
- أخشى ان ذلك لم يعد ممكنا .. ليس الامر بيدك بعد الان .
حزنت هبة كثيرا لأنها سترغم على أمر لا ترضى به ..
وكانت في البلدة المجاورة أمرأة ثرية ولكنها مريضة جدا قد يأس الاطباء من شفائها .. فنذرت لله ان شفاها فستتكفل بمساعدة من يحتاج الى العون ..
في اليوم التالي من الله بالشفاء على تلك المرأة فنهضت من سريرها وسارت وسط ذهول الاطباء وتعجبهم .. فألحت حاجة تقديم العون في صدرها فأرسلت خادماتها وخدمها للبحث عن محتاجين لأغاثتهم ..
وصلت أحدى الخادمات الى مخيم الغجر ووجدت هبة خلف أحدى الاشجار وهي تبكي بشدة فسألتها عن سبب بكائها واستحلفتها ان تجيبها فأخبرتها هبة ان الليلة سيدخلونها الى الخيمة الحمراء وستفقد عذريتها ..
اسرعت الخادمة الى سيدتها وأبلغتها بان هناك غجرية مراهقة سيكرهونها على البغاء .. فوجدت تلك السيدة في ذلك فرصة لأنقاذ الفتاة الشابة من الوقوع في مهاوي الرذيلة فانطلقت نحو مخيم الغجر وألتقت بهبة واستمعت الى قصتها فشعرت بصدقها ومظلوميتها فصممت على انقاذها فذهبت وقابلت الزعيم وعرضت عليه شراء هبة فضحك الزعيم ولم يقبل بالعرض فضاعفت السيدة عرضها فتيقن الزعيم بجدية هذه المرأة ورغبتها الملحة في شراء هبة فقال :
ان هبة ليست للبيع ابدا لأنها مصدر ربح بالنسبة لي .
- ارجوك حدد سعرك وحرر هذه الصغيرة .. وأثبت لقومك انسانيتك ليرتفع شأنك بينهم ..
- أنا شأني مرفوع رغما عن الكل .. وهذه المقابلة انتهت ..
خرجت السيدة حزينة من خيمة الزعيم كونها لم تستطع ان تفي بنذرها بمساعدة المحتاجين .. فاتجهت لمنزلها فصادفت موكب للأميرة أبنة حاكم المدينة وقد جائت لزيارتها بعد ان علمت بشفائها من مرضها العضال .. لكنها شاهدت عليها علامات الحزن فسألتها عن سبب حزنها فأخبرتها السيدة بأمر نذرها وقضية هبة .. فكرت الاميرة قليلا ثم قالت :
دعي أمرها علي ..
في المساء ذهبت الأميرة بموكب أضخم الى حيث الخيمة الحمراء ولكنها كانت ترتدي ملابس الرجال وتضع تنكرا لتبدو كأنها رجل .. ثم تقدم أحد خدم الاميرة المرموقين الى زعيم الغجر وناوله كيسا من المال وأخبره بأن سيده يرغب بغجرية عذراء .. فحك الزعيم لحيته وقال :
أخشى ان كيسا واحدا لا يكفي ..
رمى عليه الخادم كيسا آخر وقال :
من الافضل ان تكون عذراء وإلا سنستعيد المال ..
دخلت الاميرة احدى الحجرات وبعد ثوان أدخلت عليها هبة وكانت ترتعد فأزالت الاميرة تنكرها وأمسكت بهبة وهدأت من روعها وأخبرتها أنها أميرة البلدة المجاورة جائت من طرف السيدة الطيبة التي زارتها اليوم لتخلصها من هذا المكان ..
استبدلت الاميرة ملابسها مع هبة ووضعت التنكر عليها وأمرتها ان تخرج برفقة الخادم الى الموكب فقالت هبة :
وماذا عنك ايتها الاميرة ؟
- انا سأبقى هنا حتى تبتعدي عن المكان .. أطمأني .. أنهم لن يجرئوا على ايذائي بعد ان يعلموا بهويتي ..
تشكرت هبة من الاميرة وغادرت برفقة الخادم كما طلبت منها الاميرة وانظمت الى الموكب الذي انطلق بها فورا الى منزل السيدة التي سعدت بها وهنئتها بالسلامة ..
بعد ساعتين .. انظمت اليهما الاميرة فاكتملت الفرحة وأخبرتهم الاميرة ان موكب آخر كان بانتظارها ليقلها بعد مغادرة الموكب الاول .. وأن زعيم الغجر عندما علم بأني أميرة البلاد لم يجرؤ على مخالفتي ... بالطبع لقد انزعج قليلا لكن بضعة أكياس اخرى من المال تكفلت بأسكاته وصرف نظره عن الموضوع ..
ثم غادرت الاميرة وأمضت هبة هذه الليلة برفقة سيدة المنزل .. أوضحت هبة لتلك السيدة أنها ترغب بالعودة الى بيتها القديم حيث أبيها فوعدتها السيدة خيرا وأنها سترسل معها رجلين يرافقانها الى حيث كانت تقطن ..
في الصباح .. انطلقت هبة مع رجلان يعملان لدى السيدة على ظهر الخيول باتجاه منزلها السابق بعد ان أغدقت السيدة بعبارات المديح والثناء لجميل صنعها معها ..
قطع الثلاثة شوطا من الطريق حتى أقتربوا من أجمة كثيفة وفجأة ... انقض عليهم أربعة من الغجر أحدهم كان زعيم
انتظرو الجزء الثاني من القصه ...
0 تعليقات