يجب العدل الظّاهر بين الأبناء والزّوجات ، ولا يجب العدل الباطن ، والباطن هو أن يستوي حبّهم في القلب ، ولذا فهو لا يؤاخَذ بميل القلب لبعضهم أكثر إلّا حينما يتولّد عن ذلك ميل ظاهر بغير عذر شرعيّ ؛ ومثاله : أن يتعمّد الأب تقبيل بعض أبنائه ويترك الباقين لمجرّد ميل قلبه إليه دونهم كما رُوي في الخبر عن أنس : أن رجلا كان جالسا مع النبي ﷺ ، فجاء بُنيٌّ له فأخذه فقبَّله و أجلسه في حجره ، ثم جاءت بُنيّة له فأخذها فأجلسها إلى جنبه - يعني و لم يقبّلها ! - فقال النبي ﷺ : " فما عدلتَ بينهما !! "
فهذا يكون من قبيل الجور إلّا إذا اقتضته مصلحة راجحة تجعله هو = العدل ؛ كما لو اقتضته نيّة تأديب كعقوبة خاطئ منهم أو زجر لعاقّ مثل أن يُحرم هذا من عطيّة وحقّ غير ذاتيّ ويُعطى لنظرائه ونحو ذلك ، وإلّا فقد كان النبي ﷺ يقسم بين زوجاته فيعدلُ ويقولُ : "اللَّهمَّ هذا قَسمي فيما أملِكُ ، فلا تلُمْني فيما لا أملك"
قال الترمذي : يَعْنِي بِهِ الْحبّ والمودة؛ لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا يملكهُ الرجل وَلَا هُوَ فِي قدرته.
قلتُ : وهو المراد في قوله تعالى: ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) ، أي لا يمكنكم أن تعدلوا العدل الباطن، ومن ثمّ فلا يُؤاخذون بتركه حين يميل القلب إلى بعضهنّ إلّا إذا صدر منكم ميلٌ ظاهر يمكنكم الاحتراز عنه ولم تفعلوا ، ولهذا قال إثر ذلك : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فتذروها كالمعلقّة ) ، فمفهوم ذلك : جواز بعض الميل
وهو الشّعور الباطن وما يُنتجه من أمور يسيرة لا يمكن التّحرّز منها في الغالب أيضًا بخلاف الجور الفاضح والظّلم البيّن الّذي تُترك به بعضهنّ كالمعلّقة : أي كالّتي لا هي ذات زوج، ولا هي مطلّقة، فهذا لا يجوز إلّا مع تنازلها هي ورضاها ؛ فيكون ذلك ممّا يصطلحون عليه ؛ ولهذا قال هنا : ( وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) ، وقال في الآية السّابقة : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ )، قال ابن عبّاس : خشيت سَودة أن يطلقها رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، لا تطلقني واجعل يومي لعائشة. ففعل، ونزلت هذه الآية. قال: فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
قلتُ : فقوله تعالى ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) لا يدلّ على منع تعدّد الزّوجات كما يزعمه بعض الجهّال ومتّبعي الهوى ، لأن المراد بذلك : لن تستطيعوا العدل بين الزّوجات في المحبّة إذ لا تستطيعون تقسيم الشّعور العاطفيّ والأمور الخفيّة بينهنّ بالسّويّة ولو حرصتم على ذلك لأنّ القلوب بيد الله وحده ، فاحرصوا فقط على أن لا تُظهروا ميلا ظاهرًا وظلمًا سافرًا ؛ وهذا هو المقصود أيضًا في مثله قوله ﷺ : " مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ " .
التّفسير الماتع الجامع لصنوف العلم النّافع .
فهذا يكون من قبيل الجور إلّا إذا اقتضته مصلحة راجحة تجعله هو = العدل ؛ كما لو اقتضته نيّة تأديب كعقوبة خاطئ منهم أو زجر لعاقّ مثل أن يُحرم هذا من عطيّة وحقّ غير ذاتيّ ويُعطى لنظرائه ونحو ذلك ، وإلّا فقد كان النبي ﷺ يقسم بين زوجاته فيعدلُ ويقولُ : "اللَّهمَّ هذا قَسمي فيما أملِكُ ، فلا تلُمْني فيما لا أملك"
قال الترمذي : يَعْنِي بِهِ الْحبّ والمودة؛ لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا يملكهُ الرجل وَلَا هُوَ فِي قدرته.
قلتُ : وهو المراد في قوله تعالى: ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) ، أي لا يمكنكم أن تعدلوا العدل الباطن، ومن ثمّ فلا يُؤاخذون بتركه حين يميل القلب إلى بعضهنّ إلّا إذا صدر منكم ميلٌ ظاهر يمكنكم الاحتراز عنه ولم تفعلوا ، ولهذا قال إثر ذلك : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فتذروها كالمعلقّة ) ، فمفهوم ذلك : جواز بعض الميل
وهو الشّعور الباطن وما يُنتجه من أمور يسيرة لا يمكن التّحرّز منها في الغالب أيضًا بخلاف الجور الفاضح والظّلم البيّن الّذي تُترك به بعضهنّ كالمعلّقة : أي كالّتي لا هي ذات زوج، ولا هي مطلّقة، فهذا لا يجوز إلّا مع تنازلها هي ورضاها ؛ فيكون ذلك ممّا يصطلحون عليه ؛ ولهذا قال هنا : ( وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) ، وقال في الآية السّابقة : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ )، قال ابن عبّاس : خشيت سَودة أن يطلقها رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، لا تطلقني واجعل يومي لعائشة. ففعل، ونزلت هذه الآية. قال: فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
قلتُ : فقوله تعالى ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) لا يدلّ على منع تعدّد الزّوجات كما يزعمه بعض الجهّال ومتّبعي الهوى ، لأن المراد بذلك : لن تستطيعوا العدل بين الزّوجات في المحبّة إذ لا تستطيعون تقسيم الشّعور العاطفيّ والأمور الخفيّة بينهنّ بالسّويّة ولو حرصتم على ذلك لأنّ القلوب بيد الله وحده ، فاحرصوا فقط على أن لا تُظهروا ميلا ظاهرًا وظلمًا سافرًا ؛ وهذا هو المقصود أيضًا في مثله قوله ﷺ : " مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ " .
التّفسير الماتع الجامع لصنوف العلم النّافع .
0 تعليقات