فاطمة بنت عبدالملك زوجة عمر بن عبدالعزيز .
جدها خليفه وأبوها خليفة .
وزوجها وإخوتها وأبناء إخوتها، خلفاء -رضي الله عمّن أحسن فيهم -
تركت النعيم والذهب والحُلي والترف والأموال بعد أن أخبرها زوجها أن كل تلك
الأملاك للمسلمين، وأنه سيُودعها في بيت المال.
استجابت له، بنفس مؤمنة راضية وعاشت معه حياة الزهد حتى ماتت، ورغم أن زوجها مات قبلها رحمهما الله وقد عاشت بعده زمنا، إلا أنها رفضت من بعده عرض إخوتها الذين حاولوا إعادة المجوهرات إليها، وبقيت على وفائها لله ثم لزوجها الكريم الذي قال عند موته حين طُلب منه أن يكتب لأولاده من بيت المال وقد كانوا 12 فردا، قال { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } وأكمل : والله لا أعطينهم حق أحد وهم بين رجلين إما صالح فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فسقه"..
ورزقهم الله رزقا واسعا..
ملكات وأميرات هذا الزمان وأمرائها من البالغين والصبيان، درسوا تاريخا آخر، منزوعة فيه أسماء هؤلاء، فلا مرّت عليهم فاطمة بنت عبدالملك ولا سمعوا بعمر بن عبدالعزيز ولن يعنيهم أصلا أن يعرفوا أسماء الخلفاء او إنجازات أيّ منهم على مرّ التاريخ.. رُبما يسمعون فقط من بعض العلمانيين المُقرّبين من القصر، عن إخفاقات خليفة ومجازر آخر، فيُبررون لأنفسهم قمع شعوبهم ثم يُوعزون لكُتّاب البلاط، بأن يُخاطبونا بقولهم: "أولم يفعل خلفاؤكم الذين تُقدسونهم هكذا سابقا" !
ولن يسمعوا او يُروّجوا أي خير عمّن حكموا بلاد المُسلمين، فتلك حُجّة عليهم لا لهُم !
في كامبريدج وسانت هيرست والجامعات الأمريكية في بيروت والقاهرة والسوربون وهارفارد، وبقية الجامعات التي يتباهى القوم بأن أبناءهم درسوا فيها وهم أولى من الجميع بتقلّد المناصب، وتقديم استشارات للملوك والحكام والامراء والأميرات، في تلك الجامعات العريقة حسب وصف عبيد البريق القادم من الغرب، يُقدّمون معلومات مختلفة خاصة ببناء ونهضة وازدهار دول أخرى، لا تُشبه دولنا ..
الملوك والحكام وزوجاتهم وابناؤهم وبناتهم بمعزل عن أنسابهم التي يتباهون بها، بانفصام صارخ عن واقع ما هُم عليه، ينتسبون روحيا وفكريا وأخلاقيا وعقليا لأمة أخرى، وحكايات أخرى، ليست بلا شك هذه الأمة..
بل أدنى مسؤول في الدول والممالك ذات الأغلبية المسلمة، لا يرضى إلا ان يعيش في رفاهية وبذخ هو و كل حاشيته، ومن أموال الناس بالباطل ..
حين أرسل لي من أرسل يوما، رفضه لانتقادي البذخ الملكي ونفقات الديوان العامر بالبغايا والدنايا ولصوص المال العام، قلتُ له: هل أتاك حديث هرمز وشانيل وغوتشة وكارتير؟
قال من هؤلاء يا امرأة ؟
قلتُ: حذاء مُرصع بالماس ثمنه ٢٥٠ الف دينار ترتديه ملكة ذات عشاء خيري ريعه لصالح الأيتام في فندق يختال في جبل عمان، وحقيبة تساوي ٢٥ الف دولار من ماركة هرمز ستراها تحت إبط زوجة حاكم مُسلم آخر وهي تزور مخيمات اللاجئين وتُقبّل كفّها امرأة ترتدي ملابس امرأة ماتت قبل أسبوع في الخيمة المجاورة من البرد، وستلتقط مع زوجة الحاكم صورة بعينين لامعتين وهي تشكر الملكة التي تنازلت وزارت أماكن لا تليق بهيبتها حيث روائح الشقاء تنبعث في الأرجاء، لا اللافندر والفانيلا، ستنظر للكاميرا لتقول عنها أنت: "المسكينة يا حرام"، ولكن الكلمات الاكبر ستكون منك:"الملكة كيف تحملت تبوس كل هدول ما احسنها كيف راحت لهناك وتحملت المشوار"، لتكتب الصحف العالمية عن : الملكة الانيقة التي تزور مخيمات اللاجئين وتكتب صحيفة اخرى عن أناقة الملكة وتواضعها الجم !
وقبل نفاذ الصحيفة من المتاجر الكبرى، ربما تكون المرأة التي التقطت الصورة مع صاحبة الجلالة، قد ماتت!وأسباب الوفاة هناك كثيرة، وقبل موتها أوصت بملابسها لجارتها الواقفة في طابور طويل خاص بأولئك المنسيين، قبل أن تنفصل عن هذا العالم المُنافق!
القصة حول هذا تطول، ولك أن لا تُصدق تلك الأرقام العادية جدا عندهم، ولا ألومك فأسواقُك والمتاجر التي تدخلها في جبل الحسين او شارع السعادة وجبل النزهة والاسواق الشعبية ليست كما هارودز في لندن او لوي فيتون في الشانزلزيه!
لن أتحدث أكثر عن تفاصيل قسوة الواقع، ولكن تأكد يا من تحرس بوابات قصور لصوص بلدك تحت الشمس الحارقة وفي عز البرد حيث (السقعة) بتقُص المسمار، أن راتبك لا يُساوي ثمن حذاء بيتي ترتديه زوجة او ابنة صاحب ذلك القصر بعد حمّامها المسائي الدافئ !
أعزك الله ورفع قدرك وطهّر بلادنا الاسلامية كلها من الظالمين ..
0 تعليقات